تغير المناخ يقوض جميع أهداف التنمية المستدامة تقريباً
صحفي
14 أيلول/ سبتمبر 2023
في مرحلة منتصف الفترة منذ الإعلان عن خطة عام 2030، العلم واضح – فالكوكب بعيد كل البعد عن تحقيق أهدافه المناخية. وهذا يقوض الجهود العالمية الرامية إلى معالجة الجوع والفقر واعتلال الصحة، وتحسين فرص الحصول على المياه النظيفة والطاقة والعديد من الجوانب الأخرى للتنمية المستدامة، وفقاً لتقرير جديد متعدد الوكالات تنسقه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
الرسائل الرئيسية
علوم المناخ وخدماته أساسية للحلول
ليس هناك سوى 15 في المائة من أهداف التنمية المستدامة تسير على المسار الصحيح نحو تحقيقها، حسبما ورد في تقرير متحدون في العلوم، الذي يجري فحصاً منهجياً لأثر تغير المناخ والطقس المتطرف على الأهداف. ويوضح هذا التقرير كيف يمكن للعلوم المتعلقة بالطقس والمناخ والماء أن تعزز أهدافاً مثل الأمن الغذائي والمائي، والطاقة النظيفة، والصحة الأفضل، والمحيطات المستدامة والمدن القادرة على الصمود.
ويجمع هذا التقرير السنوي بين المدخلات والخبرات من 18 منظمة. ويصدر في قمة أهداف التنمية المستدامة ومؤتمر قمة الطموح المناخي في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
United in Science 2023 (Sustainable Development Edition) - A multi-organization high-level compilation of the latest weather-, climate-and water-related sciences and services for sustainable development.
Pexels / Pixabay
ويقول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "لقد أظهر عام 2023 بوضوح تام أن تغير المناخ أصبح واقعاً بالفعل. فدرجات الحرارة القياسية تحرق الأرض وتسخن البحر، إذ يتسبب الطقس القاسي في إحداث فوضى في جميع أنحاء العالم. وبالرغم من أننا نعلم أن هذه ليست سوى البداية، فإن الاستجابة العالمية قاصرة للغاية. وفي الوقت نفسه، في منتصف الطريق إلى الموعد النهائي المحدد بعام 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإن العالم خارج المسار بشكل يُرثى له".
ويكتب السيد غوتيريش في ديباجة التقرير: "العلم أساسي للحلول. ومن المفهوم على نطاق واسع أن العلوم المتعلقة بالطقس والمناخ والماء توفر الأسس للعمل المناخي. ولكن من غير المعترف به كيف يمكن لهذه العلوم أن تعزز التقدم في أهداف التنمية المستدامة في جميع المجالات".
ويقول الأمين العام للمنظمة (WMO)، البروفيسور بيتيري تالاس: "في هذه اللحظة المحورية من التاريخ، وهي علامة منتصف الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يقف المجتمع العلمي متحداً في الجهود الرامية إلى تحقيق الرخاء للناس والكوكب".
ويعلق قائلاً: "يمكن للتقدم العلمي والتكنولوجي الرائد، مثل النمذجة المناخية العالية الاستبانة والذكاء الاصطناعي والتنبؤ الآني، أن يحفز التحول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتحقيق مبادرة الإنذار المبكر للجميع بحلول عام 2027 لن ينقذ الأرواح وسبل العيش فحسب، بل سيساعد أيضاً على حماية التنمية المستدامة".
ويبين التقرير مثلاً كيف أن تنبؤات الطقس تساعد على تعزيز إنتاج الغذاء والاقتراب من القضاء على الجوع. ويساعد دمج علم الأوبئة والمعلومات المناخية على فهم وتوقع تلك الأمراض الحساسة للمناخ. وتساعد نظم الإنذار المبكر على الحد من الفقر من خلال إعطاء الناس الفرصة للاستعداد والحد من التأثير.
وقد أصبحت الحاجة إلى العلم والحلول أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
وفي الفترة بين عام 1970 و2021، أُبلغ عما يقرب من 12000 كارثة ناجمة عن ظواهر متطرفة مرتبطة بالطقس والمناخ والماء، وهو ما تسبب في أكثر من مليوني حالة وفاة وخسائر اقتصادية بقيمة 4.3 تريليون دولار أمريكي. وحدث أكثر من 90 في المائة من هذه الوفيات المبلغ عنها و60 في المائة من الخسائر الاقتصادية في الاقتصادات النامية، وهو ما يقوض التنمية المستدامة.
وكان ارتفاع درجات الحرارة العالمية مصحوباً بطقس أكثر تطرفاً. وتبلغ أرجحية أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجة الحرارة العالمية القريبة من السطح مؤقتاً حد 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية لعام واحد على الأقل من الأعوام الخمسة المقبلة 66 في المائة وتتزايد بمرور الوقت.
وحتى الآن، كان هناك تقدم محدود للغاية في تقليل فجوة الانبعاثات لعام 2030 - وهي الفجوة بين تخفيضات الانبعاثات التي وعدت بها البلدان وتخفيضات الانبعاثات اللازمة لتحقيق درجة الحرارة المستهدفة التي حددها اتفاق باريس. وزادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري بنسبة 1 في المائة على مستوى العالم في عام 2022 مقارنة بعام 2021، وتظهر التقديرات الأولية من كانون الثاني/ يناير إلى حزيران/ يونيو 2023 ارتفاعاً إضافياً بنسبة 0.3 في المائة.
وللوصول إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس المتمثلة في قصر الاحترار عند حد أقل بكثير من درجتين مئويتين ويفضل أن يكون عند 1.5 درجة مئوية، يجب خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 30 في المائة و45 في المائة على التوالي بحلول عام 2030، مع اقتراب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صافي الصفر بحلول عام 2050. وسيتطلب ذلك تحولات واسعة النطاق وسريعة ومنهجية.
وهناك بعض التغيرات المستقبلية في المناخ لا يمكن تجنبها، وربما لا رجعة فيها، ولكن كل جزء من درجة حرارة وطن من أطنان ثاني أكسيد الكربون مهم للحد من الاحترار العالمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حسبما ورد في التقرير.
وقالت Inger Andersen، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "يستمر العلم في إظهار أننا لا نفعل ما يكفي لخفض الانبعاثات وتحقيق أهداف اتفاق باريس – وفي الوقت الذي يستعد فيه العالم لأول تقييم عالمي في الاجتماع الثامن والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28)، يجب علينا زيادة طموحنا وعملنا، ويجب علينا جميعاً القيام بالعمل الحقيقي اللازم لتحويل اقتصاداتنا من خلال الانتقال العادل إلى مستقبل مستدام للناس والكوكب".
حالة العلم (الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، ومشروع الكربون العالمي، ومكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، والبرنامج العالمي للبحوث المناخية)
اارتفع إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري بنسبة 1 في المائة على مستوى العالم في عام 2022 مقارنة بعام 2021. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً في الأساس بالنمو في استخدام النفط، مع انتعاش قطاع الطيران. وتشير التقديرات الأولية إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري العالمية في الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى حزيران/ يونيو 2023 كانت أعلى بنسبة 0.3 في المائة من نفس الفترة من عام 2022.
ثمة احتمال بنسبة 98 في المائة أن تكون إحدى السنوات الخمس المقبلة هي الأكثر دفئاً منذ بدء السجلات. وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن الاحترار الطويل الأمد (متوسط أكثر من 20 عاماً) قد يصل إلى مستوى اتفاق باريس البالغ 1.5 درجة مئوية في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين.
ستؤدي سياسات التخفيف الحالية إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 2.8 درجة مئوية خلال هذا القرن مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. وهناك حاجة إلى تخفيضات فورية وغير مسبوقة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة - القضاء التام على الجوع (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة)
تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 670 مليون شخص قد يواجهون الجوع في عام 2030، ويرجع ذلك جزئياً إلى ظواهر الطقس الأكثر تطرفاً التي تعطل كل ركيزة من ركائز الأمن الغذائي (الوصول والتوافر والاستخدام والاستقرار).
هناك حاجة إلى ضخ استثمارات عالمية في العلوم والخدمات المتعلقة بالطقس والمناخ والماء على طول سلاسل القيمة الغذائية الزراعية لأنها تمكن المزارعين من اتخاذ قرارات - على سبيل المثال بشأن المحاصيل والزراعة - تعزز الأمن الغذائي والتغذوي.
تكتسي الإنذارات المبكرة أهمية بالغة للتمكين من اتخاذ إجراءات استباقية لحماية سبل العيش الزراعية وتحديد المناطق المحتملة لعجز المحاصيل التي قد تؤدي إلى حالات طوارئ.
الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة - الصحة الجيدة والرفاه (المنظمة (WMO)، ومنظمة الصحة العالمية)
من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ والظواهر المتطرفة، مثل موجات الحر، إلى زيادة كبيرة في اعتلال الصحة والوفيات المبكرة، وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. والحضرنة السريعة تعرض المزيد من الناس للخطر. فعلى سبيل المثال، يعد تلوث الهواء تهديداً حضرياً رئيسياً للصحة ويرتبط بما يقرب من سبعة ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً.
تعد البحوث المتعددة التخصصات عاملاً أساسياً لتحليل ومراقبة ومعالجة المخاطر والآثار الصحية الحساسة للمناخ على القطاع الصحي. ويمكن الاسترشاد بإدماج البيانات الصحية والوبائية مع معلومات الطقس والمناخ في السياسات المتعلقة بالأمراض المُعدية الحساسة للمناخ (مثل الملاريا وحمى الضنك) والأمراض غير المُعدية.
يكتسي توسيع نطاق الاستثمارات في النظم الصحية القادرة على الصمود في وجه المناخ والمنخفضة الكربون، والتقدم نحو التغطية الصحية الشاملة أهمية بالغة لتحقيق الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة.
الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة - المياه النظيفة والصرف الصحي (المنظمة (WMO)، وهيئة الأمم المتحدة المعنية بالمياه)
يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المخاطر المرتبطة بالمياه مثل الفيضانات والجفاف. وتشكل التغيرات في أنماط الهطول ومعدلات التبخر وتخزين المياه تحديات كبيرة لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام.
يعاني أكثر من 60 في المائة من البلدان من قدرات رصد هيدرولوجية غير كافية ومتدهورة. ومع ذلك، فإن أوجه التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء، توفر فرصاً لممارسات وسياسات الإدارة المتكاملة للمياه القائمة على البيانات.
سيكون المزيد من التعاون العلمي والاستثمارات المالية وتبادل البيانات والمعلومات أمراً أساسياً لاتخاذ قرارات مستنيرة لتسريع تنفيذ الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة.
الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة - الطاقة النظيفة الميسورة التكلفة (الطاقة المستدامة للجميع)
تهدد ظواهر الطقس المتطرفة وتغير المناخ تحقيق الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة من خلال تغيير قدرات إمدادات الطاقة والطلب عليها، وهو ما يجعل الانتقال إلى الطاقة النظيفة أكثر صعوبة في التنبؤ وربما أكثر تكلفة.
من شأن البيانات والعلوم والخدمات المتعلقة بالطقس والمناخ والماء التي تُتاح في الوقت المناسب وبدقة أكبر أن تحسن تخطيط الطاقة وعملياتها. وتوفر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي إمكانية تعزيز تشغيل نظام الطاقة.
لا تزال هناك تحديات تتمثل في تفاوت و/ أو تدني نوعية البيانات ومحدودية توافر البيانات والخدمات والقدرة على تحمل تكاليفها.
الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة – المدن والمجتمعات المستدامة (المنظمة (WMO)، وموئل الأمم المتحدة)
تمثل المدن حوالي 70 في المائة من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية وهي موطن لأكثر من نصف سكان العالم. فهي عرضة لارتفاع منسوب مياه البحر وعرام العواصف وموجات الحر والهطول الشديد والفيضانات والجفاف وندرة المياه وتلوث الهواء.
إن الخدمات الحضرية المتكاملة للطقس والمناخ والماء والبيئة، التي ترتكز على أفضل العلوم المتاحة، تساعد المدن على تحقيق الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة.
تشكل الرصدات العالية الاستبانة، ونماذج التنبؤ، ونظم الإنذار المبكر بالأخطار المتعددة القاعدة الأساسية للخدمات الحضرية المتكاملة.
الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة – العمل المناخي (المنظمة (WMO)، والصندوق الأخضر للمناخ، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ)
يتسبب تغير المناخ في تغيرات واسعة النطاق وسريعة في الغلاف الجوي والمحيطات والغلاف الجليدي والمحيط الحيوي، وهو ما يهدد بعكس مسار التقدم نحو تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة.
تدعم العلوم المتعلقة بالطقس والمناخ والماء العمل المناخي الطموح وتعبئة تمويل المناخ، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل. ويجري إطلاق مبادرة عالمية جديدة لرصد غازات الاحتباس الحراري لدعم التخفيف.
إن مشاركة أصحاب المصلحة، من خلال وسائل مثل علم المواطن، أمر حيوي.
الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة – الحياة تحت الماء (لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات)
إن الآثار المتعلقة بالمناخ والإنسان تهدد محيطاتنا، وتؤثر على النظم الإيكولوجية البحرية والمجتمعات التي تعتمد عليها لتحقيق الأمن الغذائي وتوفير سبل العيش.
تعزز علوم المحيطات المتصلة بالمناخ، مثل رصدات تحمض المحيطات، فهمنا لآثار المناخ على المحيطات وتسهم في استراتيجيات إدارة النظم الإيكولوجية البحرية وحمايتها على نحو مستدام.
يوفر عقد الأمم المتحدة للمحيطات فرصة غير مسبوقة لحشد الدوائر العلمية وتسريع تطور العلوم المتعلقة بالمحيطات.
الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة – الشراكات من أجل تحقيق الأهداف (المنظمة (WMO))
أبلغ نصف البلدان عن عدم وجود نظم للإنذار المبكر بالمخاطر المتعددة؛ وحيثما وجدت، توجد ثغرات كبيرة في التغطية.
تدعم العلوم المتعلقة بالطقس والمناخ والماء أنظمة الصحة والسلامة الصحية الفعالة من خلال تعزيز الفهم المادي للمخاطر، وزيادة فهم المخاطر والآثار المرتبطة بها، وتمكين الكشف عن المخاطر ورصدها والتنبؤ بها.
تعد الشراكات عبر مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدوائر العلمية للطقس والمناخ والماء، ضرورية لتقديم الإنذارات المبكرة للجميع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.