التباطؤ الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا ليس بديلاً للعمل المناخي

25 آذار/ مارس 2020

أدت الجهود المبذولة لمكافحة وباء فيروس كورونا إلى الحد من النشاط الاقتصادي وإلى تحسن نوعية الهواء في أماكن محددة. ولكن من السابق للأوان تقييم آثار ذلك على تركيزات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ على المدى الطويل. وتظل مستويات ثاني أكسيد الكربون في محطات الرصد الرئيسية أعلى حتى الآن مما كانت عليه العام الماضي.

أدت الجهود المبذولة لمكافحة وباء فيروس كورونا إلى الحد من النشاط الاقتصادي وإلى تحسن نوعية الهواء في أماكن محددة. ولكن من السابق للأوان تقييم آثار ذلك على تركيزات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ على المدى الطويل. وتظل مستويات ثاني أكسيد الكربون في محطات الرصد الرئيسية أعلى حتى الآن مما كانت عليه العام الماضي.

وترى المنظمة (WMO) أن أي انخفاض في الانبعاثات نتيجة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا (COVID-19) ليس بديلاً عن العمل المتضافر في مجال المناخ.

وقال الأمين العام للمنظمة (WMO)، السيد بيتيري تالاس: "على الرغم من انخفاض التلوث وتحسن نوعية الهواء في أماكن محددة، فليس من المسؤول التقليل من شأن التحديات الصحية العالمية الهائلة والخسائر في الأرواح نتيجة جائحة فيروس كورونا (COVID-19)... بيد أن الوقت قد حان للنظر في كيفية استخدام حزم الحوافز الاقتصادية لدعم التحول على المدى الطويل إلى ممارسات عمل وممارسات شخصية صديقة للبيئة والمناخ."

واستطرد قائلاً "تشير التجربة السابقة إلى أن انخفاض الانبعاثات في أثناء الأزمات الاقتصادية يعقبه ارتفاع سريع. ونحن بحاجة إلى تغيير هذا المسار".

وواصل حديثه قائلاً "إن العالم يحتاج الى إبداء وحدته والتزامه بالعمل المناخي وبخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أسوة بما يفعل لاحتواء جائحة فيروس كورونا... فالفشل في التخفيف من تغير المناخ يمكن أن يؤدى الى مزيد من الضحايا البشرية والخسائر الاقتصادية خلال العقود القادمة."

ووفقاً لتحليل أُجري لصالح الموقع الشبكي Carbon Brief، أدى إغلاق النشاط الاقتصادي وتخفيضه في الصين إلى انخفاض يُقدر بنسبة 25 في المائة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مدى أربعة أسابيع.

وتنسق المراقبة العالمية للطقس (GAW) التابعة للمنظمة (WMO) عمليات رصد عالية الجودة وطويلة المدى لتركيزات غازات الاحتباس الحراري. والانبعاثات هي ما يذهب إلى الغلاف الجوي، أما التركيزات فهي ما يبقى في الغلاف الجوي بعد مجموعة معقدة من التفاعلات بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي والغلاف الأرضي والغلاف الجليدي والمحيطات.

ويبقى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والمحيطات لقرون عديدة. وهذا يعني أن العالم ملتزم بالتصدي لاستمرار تغير المناخ، بغض النظر عن أي انخفاض مؤقت في الانبعاثات بسبب جائحة فيروس كورونا.

وقد بلغ المتوسط الشهري لتركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في شباط/ فبراير في مرصد ماونا لوا في هاواي 414.11 جزء في المليون، مقارنة بـ 411.75 جزء في المليون في شباط/ فبراير 2019، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة. ومحطة ماونا لوا هي المحطة التي لديها أطول سجلات رصد مستمرة في العالم، فضلاً عن أنها محطة مرجعية في شبكة المراقبة العالمية للغلاف الجوي (GAW). وفي محطة مرجعية أخرى، هي كيب غريم في تسمانيا، بلغ متوسط مستويات ثاني أكسيد الكربون 408.3 جزء في المليون في شباط/ فبراير، بعد أن كان 405.66 جزء في المليون في شباط/ فبراير 2019، وفقاً لمنظمة البحوث العلمية والصناعية التابعة لمنظمة الكومنولث (CSIRO).

وتمتص المحيطات زهاء ربع مجموع الانبعاثات. ويمتص الغلاف الحيوي للأرض، بما في ذلك الغابات والنباتات التي تعمل بمثابة "مصارف" للكربون، ربعاً آخر. وبطبيعة الحال، فإن الغلاف الحيوي للأرض يستوعب كمية من ثاني أكسيد الكربون تماثل الكمية التي يطلقها على مدار السنة في دورة موسمية. ولذلك، فإن المتوسط العالمي لمستويات ثاني أكسيد الكربون سيزداد بشكل عام حتى نيسان/أبريل - أيار/مايو.

وهذا الأثر الطبيعي أكبر بكثير من الانخفاضات في الانبعاثات المتصلة بالتباطؤ الاقتصادي المشهود مؤخراً. وبالتالي، فمن السابق للأوان استخلاص استنتاجات قاطعة بشأن أهمية أثر هذا التباطؤ الاقتصادي على تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. ووفقاً لدراسة نُشرت في المجلة العلمية Nature Climate Change، فقد أعقب الأزمة المالية العالمية في 2009-2008 زيادة كبيرة في الانبعاثات في الاقتصادات الناشئة، والعودة إلى زيادة الانبعاثات في الاقتصادات المتقدمة، وزيادة في كثافة استخدام الوقود الأحفوري في الاقتصاد العالمي.

وفي عام 2018، بلغت الكسور الجزيئية لغازات الاحتباس الحراري مستويات عالية جديدة، إذ بلغ المتوسط العالمي للكسر الجزيئي لثاني أكسيد الكربون (CO2‏) 0.1±407.8 جزء في المليون (ppm‏)، والميثان (CH4) 2±1869 جزء في البليون (ppb‏)، وأكسيد النيتروز (N2O)‏ 0.1±331.1 جزء في البليون (ppb‏). وتشير البيانات الأولية إلى أن تركيزات غازات الاحتباس الحراري قد استمرت في الزيادة في عام 2019.

نوعية الهواء

أظهرت عمليات الرصد أن مستويات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) قد انخفضت انخفاضاً كبيراً خلال الإغلاق في كل من الصين وإيطاليا. وفي إيطاليا، أكدت عمليات الرصد السطحية، الصادرة عن مرفق كوبرنيكس لمراقبة الغلاف الجوي التابع للاتحاد الأوروبي، اتجاه الانخفاض التدريجي بنسبة 10 في المائة تقريباً أسبوعياً على مدى الأسابيع الأربعة إلى الخمسة الماضية.

وثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، وهو ملوث هوائي غازي يتكون عند احتراق الوقود الأحفوري في درجات حرارة عالية، ضار بصحة الإنسان ومن سلائف الأوزون القريب من السطح والذي له آثار ضارة على صحة الإنسان والنظم الإيكولوجية، وهو أيضاً من عناصر القسر المناخي قصيرة الأجل. ويبقى ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) في الغلاف الجوي عموماً أقل من يوم واحد قبل أن يترسب أو يتفاعل مع غازات أخرى في الغلاف الجوي. ولذلك، فإن آثار انخفاض الانبعاثات تصبح واضحة بعد وقت قصير من حدوثها.

وتظهر قياسات الأوزون السطحية في محطة مونتي سيمون التابعة للمراقبة العالمية للغلاف الجوي (GAW)، والمشرفة على وادي بو في شمال إيطاليا، انخفاضاً في آذار/ مارس 2020، وفقاً للبيانات الأولية. ومن السابق للأوان استخلاص استنتاجات قاطعة بشأن أهمية هذا الانخفاض بالنسبة إلى تركيزات غازات الاحتباس الحراري، وفقاً لما ذكره المجلس الوطني للبحوث Consiglio Nazionale delle Recerche في إيطاليا، ومعهد علوم الغلاف الجوي والمناخ.

ويقل أيضاً تركيز الجسيمات العالقة. والجسيمات PM2.5 واحد من أهم ملوثات الهواء فيما يتعلق بالآثار الصحية وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO).

شارك: