تغيّر المناخ يتسبب في زيادة انعدام الأمن الغذائي والفقر والنزوح في أفريقيا

18 تشرين الأول/ أكتوبر 2021

وفقاً لتقرير جديد شاركت في إعداده وكالات متعددة بتنسيق المنظمة (WMO)، ساهم تغيّر أنماط الهطول وارتفاع درجات الحرارة وزيادة ظواهر الطقس المتطرفة في تفاقم انعدام الأمن الغذائي والفقر والنزوح في أفريقيا في عام 2020 فتفاقُم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19.

ذوبان الأنهار الجليدية الأفريقية الشهيرة يشهد على التغيّرات في نظام الأرض

جنيف، 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)) - وفقاً لتقرير جديد شاركت في إعداده وكالات متعددة بتنسيق المنظمة (WMO)، ساهم تغيّر أنماط الهطول وارتفاع درجات الحرارة وزيادة ظواهر الطقس المتطرفة في تفاقم انعدام الأمن الغذائي والفقر والنزوح في أفريقيا في عام 2020 فتفاقُم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19.

Area average land air temperature anomalies in °C

الشذوذ في متوسط درجات حرارة الهواء السطحي في المنطقة بالدرجات المئوية مقارنةً بالمتوسط الطويل الأجل للفترة 1981-2010 في أفريقيا (الاتحاد الإقليمي الأول للمنظمة (WMO)) وفقاً لست مجموعات بيانات لدرجات الحرارة.
‏‏المصدر‏‏: مكتب الأرصاد الجوية، المملكة المتحدة‏

ويقدّم تقرير حالة المناخ في أفريقيا 2020 لمحة عن اتجاهات تغيّر المناخ وآثاره، بما يشمل ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان أشهر الأنهار الجليدية في القارة. ويسلّط الضوء على تأثر أفريقيا الزائد بتغيّر المناخ، ويبيّن أن المنافع المحتملة للاستثمار في إجراءات التكيّف مع المناخ وخدمات الطقس والمناخ ونظم الإنذار المبكر تفوق تكاليفه بكثير.

وقال الأمين العام للمنظمة (WMO)، البروفيسور بيتيري تالاس، في تصدير التقرير إنه "في عام 2020، اتسمت مؤشرات المناخ في أفريقيا باستمرار درجات الحرارة المرتفعة، وتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر، وظواهر الطقس والمناخ المتطرفة، مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية والجفاف، وما نجم عنها من آثار مدمرة. وينذر الانحسار السريع لآخر الأنهار الجليدية المتبقية في شرق أفريقيا، والتي يُتوقع أن تذوب كلياً في المستقبل القريب، بخطر حدوث تغيّر وشيك ولا رجعة فيه في نظام الأرض".

وأضاف البروفيسور تالاس أن "تعزيز القدرة على الصمود أمام تغيّر المناخ ضرورة ملحّة ومستمرة إلى جانب التعافي من جائحة كوفيد-19. وتوجد حاجة خاصة إلى الاستثمارات في تنمية القدرات ونقل التكنولوجيا، وفي تعزيز نظم الإنذار المبكر القائمة في البلدان، بما يشمل نظم رصد الطقس والمياه والمناخ".

وهذا التقرير هو ثمرة تعاون بين المنظمة (WMO)، ولجنة الاتحاد الأفريقي، واللجنة الاقتصادية لأفريقيا (ECA) من خلال المركز الأفريقي للسياسات المناخية (ACPC)، وعدد من المنظمات العلمية الدولية والإقليمية ووكالات الأمم المتحدة.

وسيصدر التقرير في 19 تشرين الأول/ أكتوبر إبّان الدورة الاستثنائية للمؤتمر العالمي للأرصاد الجوية، أي قبل مفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ في إطار مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (COP 26). وسيصب هذا التقرير في الأدلة العلمية التي تثبت الحاجة الماسة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، ورفع سقف الطموحات المتعلقة بالمناخ، وزيادة تمويل إجراءات التكيّف.

وفي تصدير التقرير، أشارت سعادة السيدة جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، مفوضة شؤون الزارعة والاقتصاد في المناطق الريفية بمفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى ما يلي: "تشهد أفريقيا تقلّبات متزايدة في الطقس والمناخ تؤدي إلى حدوث كوارث واختلال في النظم الاقتصادية والإيكولوجية والاجتماعية. وبحلول عام 2030، يُقدّر أن نحو 118 مليون شخص في أفريقيا ممن يعانون الفقر المدقع (أي يعيشون بأقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم) سيتعرضون للجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة ما لم تُتخذ تدابير استجابة ملائمة. وسيضع ذلك عراقيل إضافية في طريق الجهود الرامية إلى التخفيف من وطأة الفقر وسيشكل عائقاً كبيراً أمام النمو نحو الرخاء".

وأضافت السيدة ساكو أن "في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، قد يزيد تغيّر المناخ من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 3% بحلول عام 2050. ويطرح ذلك تحدياً كبيراً أمام إجراءات مواجهة تغير المناخ والتكيف معه، لا لأن الظروف المادية ترداد سوءاً فحسب، بل لأن عدد المتضررين يزداد أيضاً".

Absolute precipitation anomalies for 2020
شذوذ الهطول المطلق لعام 2020 نسبةً إلى الفترة المرجعية 1981-2010.
يشير اللون الأزرق إلى المناطق التي سجّلت معدل هطول أعلى من المتوسط، في حين يشير اللون البني إلى المناطق التي سجّلت معدل هطول أقل من المتوسط. المصدر: المركز العالمي لمناخيات الهطول (GPCC)، دائرة الأرصاد الجوية الألمانية، ألمانيا‏.

الرسائل الرئيسية

درجات الحرارة: في الفترة 1991-2020، كان اتجاه الاحترار على مدى 30 عاماً أعلى مما كان عليه في الفترة 1961-1990 في جميع المناطق دون الإقليمية الأفريقية، وأعلى بكثير مما كان عليه في الفترة 1931-1960. وارتفعت درجات الحرارة في أفريقيا بوتيرة أعلى من متوسط درجات الحرارة العالمية في اليابسة والمحيطات مجتمعةً. وقد حلّ عام 2020 ما بين المرتبتين الثالثة والثامنة، بحسب مجموعة البيانات المستخدمة، من السنوات الأكثر حرّاً على الإطلاق في أفريقيا.

ارتفاع مستوى سطح البحر: فاقت معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر على طول السواحل المدارية والجنوبية للمحيط الأطلسي وسواحل المحيط الهندي معدلَ المتوسط العالمي، حيث بلغت نحو 3.6 مم/ سنة و4.1 مم/ سنة على التوالي. وترتفع حالياً مستويات سطح البحر على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط بنحو 2.9 مم/ سنة، أي بمعدل أقل من المتوسط العالمي.

الأنهار الجليدية: لا تغطي حالياً الأنهار الجليدية سوى ثلاثة جبال في أفريقيا، وهي جبل كينيا (كينيا)، وجبال روينزوري (أوغندا)، وجبل كليمنجارو (جمهورية تنزانيا المتحدة). ومع أن صغر حجم هذه الأنهار الجليدية لا يتيح استخدامها لتخزين كميات كبيرة من المياه، فإنها تكتسي أهمية سياحية وعلمية عالية. وتفوق المعدلات الحالية لانحسار الأنهار الجليدية المتوسطَ العالمي. وإذا استمر هذا المنحى، فإنه سيؤدي إلى انصهار جليدي كلّي بحلول أربعينيات القرن الحادي والعشرين. ومن المتوقع أن يزول الجليد عن جبل كينيا قبل ذلك بعشر سنوات، فيصبح بذلك من أول سلاسل الجبال التي تفقد أنهارها الجليدية نتيجةً لتغيّر المناخ البشري المنشأ.

الهطول: كان معدّل الهطول أعلى من المعتاد ومصحوباً بفيضانات في منطقة الساحل، ووادي الخسف، ومستجمع المياه الأوسط لنهر النيل، وشمال شرق أفريقيا، وحوض كالاهاري، والمجرى السفلي لنهر الكونغو.

وسادت ظروف جافة في الساحل الشمالي لخليج غينيا، وشمال غرب أفريقيا، والجزء الجنوبي الشرقي من القارّة. وقد أدّى الجفاف إلى أزمة إنسانية في مدغشقر.

الظواهر الشديدة التأثير: شهدت أجزاء عديدة من شرق أفريقيا فيضانات واسعة النطاق. وشملت البلدان التي أبلغت عن خسائر في الأرواح أو عن نزوح أعداد كبيرة من السكان، السودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا، والصومال، وكينيا، وأوغندا، وتشاد، ونيجيريا (التي شهدت أيضاً موجة جفاف في جزئها الجنوبي)، والنيجر، وبنن، وتوغو، والسنغال، وكوت ديفوار، والكاميرون، وبوركينا فاسو. وقد بلغت بحيرات وأنهار عديدة مستويات عالية قياسية، بما في ذلك بحيرة فيكتوريا (في أيار/ مايو)، ونهر النيجر في نيامي، والنيل الأزرق في الخرطوم (في أيلول/ سبتمبر).

انعدام الأمن الغذائي: كانت الآثار المتراكمة الناجمة عن سنوات النزاع الطويلة، وانعدام الاستقرار السياسي، وتقلّب المناخ، وتفشي الآفّات، والأزمات الاقتصادية، والتي تفاقمت من جراء آثار جائحة كوفيد-19، العوامل الرئيسية التي أدّت إلى زيادة كبيرة في انعدام الأمن الغذائي. واستمرّ الغزو غير المسبوق للجراد الصحراوي الذي كان قد بدأ في عام 2019، في التأثير بشدة في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي في عام 2020.

ويزداد انعدام الأمن الغذائي بنسبة تتراوح بين 5 و20 نقطة مئوية مع كل فيضان أو جفاف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وما ينتج عن ذلك من تراجع على صعيدَي الصحة ومواظبة الأطفال على الدراسة قد يؤدّي إلى تفاقم التفاوت في الدخل وأوجه عدم المساواة بين الجنسَين على المدى الطويل. وفي عام 2020، سُجّلت زيادة بنسبة 40% تقريباً في عدد المتضررين من انعدام الأمن الغذائي مقارنةً بالعام السابق.

النزوح: تشير التقديرات إلى أن 12% من حالات النزوح السكاني الجديدة في العالم حدثت في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، حيث سُجلت أكثر من 1.2 مليون حالة نزوح جديدة بسبب بالكوارث ونحو 500 000 حالة نزوح جديدة بسبب النزاعات. وكان للفيضانات والعواصف، ومن بعدهما الجفاف، الدور الأكبر في النزوح الداخلي بسبب الكوارث.

الاستثمارات: تُقدّر تكلفة التكيّف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بما يتراوح بين 30 و50 مليار دولار أمريكي سنوياً (2-3% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي) على مدى العقد المقبل، لتجنّب ارتفاع أكبر في تكلفة الإغاثة الإضافية في حالات الكوارث. ويستلزم تحقيق التنمية القادرة على التكيّف مع تغيّر المناخ في أفريقيا استثمارات في البنى الأساسية للأرصاد الجوية الهيدرولوجية ونظم الإنذار المبكر من أجل الاستعداد لتزايد الظواهر الخطرة والشديدة التأثير.

الإنذار المبكر: تشير الدراسات الاستقصائية للأسر المعيشية التي أجراها صندوق النقد الدولي (IMF) في إثيوبيا وملاوي ومالي والنيجر وجمهورية تنزانيا المتحدة إلى جملة أمور منها أن توسيع نطاق الوصول إلى نظم الإنذار المبكر وإلى المعلومات المتعلقة بأسعار الأغذية والطقس (وإن كان ذلك عن طريق رسائل نصية أو صوتية بسيطة تعلم المزارعين بمواعيد الزراعة أو الري أو التسميد بما يمكن الزراعة المراعية للمناخ)، من شأنه أن يقلل من خطر انعدام الأمن الغذائي بنسبة 30 نقطة مئوية.

التكيف: سيتيح التنفيذ السريع لاستراتيجيات التكيّف الأفريقية حفز التنمية الاقتصادية وإيجاد فرص عمل إضافية، فيدعم ذلك تعافي الاقتصاد من جائحة كوفيد-19. ومن شأن السعي إلى تحقيق الأولويات المشتركة المحددة في خطة عمل التعافي الأخضر للاتحاد الأفريقي أن ييسّر تعافي القارة من الجائحة على نحو مستدام وأخضر، وأن يمكنها من اتخاذ إجراءات مناخية فعالة.

Hazards of greatest concern for the African Region

الأخطار الأكثر إثارةً للقلق فيما يخص المنطقة الأفريقية. المصدر: تحليل المنظمة (WMO) للمساهمات المحددة وطنياً التي أبلغ بها 53 بلداً في أفريقيا

إصدار التقرير في إطار رفيع المستوى

سيصدر تقرير "حالة المناخ في أفريقيا" في لقاء رفيع المستوى سيسلّط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة في أفريقيا، وإلى تنسيق الأطر الاستراتيجية المتعلقة بالطقس والمياه والمناخ وتنفيذ هذه الأطر في سبيل دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القارّة.

وسيُستهل هذا اللقاء بكلمات افتتاحية يلقيها كل من البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة (WMO)، وسعادة السيدة جوزيفا ساكو، مفوضة شؤون الزارعة والاقتصاد في المناطق الريفية بمفوضية الاتحاد الأفريقي، والدكتورة فيرا سونغوي، الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة. وستلي هذه الكلمات الافتتاحية حلقة نقاش تشارك فيها جهات رفيعة المستوى.

وتود المنظمة (WMO) أن تشكر جميع الشركاء الدوليين وفرادى الخبراء الذين ساهموا في إعداد هذا التقرير. وترد في التقرير قائمة كاملة بجميع المساهمين.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) هي الهيئة المرجعية الرسمية في منظومة
الأمم المتحدة بشأن الطقس والمناخ والماء

للحصول على مزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بالجهة التالية:
Clare Nullis, media officer. Email cnullis@wmo.int. Cell 41797091397

شارك: