أطلق مؤتمر قمة المناطق الجبلية العالية دعوة إلى العمل من أجل مواجهة الذوبان السريع لقمم الأرض المتجمدة وعواقبه على الغذاء والماء وأمن البشر، وكذلك على النظم الإيكولوجية والبيئة والاقتصادات.
وحدد مؤتمر القمة، الذي استمر ثلاثة أيام ودعت إليه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومجموعة واسعة من الشركاء، الإجراءات الواجب اتخاذها من باب الأولوية لدعم تحقيق تنمية أكثر استدامة، والحد من مخاطر الكوارث، والتكيف مع تغير المناخ في المناطق الجبلية العالية وسفوحها على حد سواء.
وجاء في الدعوة إلى العمل أن: "المناطق الجبلية العالية هي موطن الغلاف الجليدي، ومصدر المياه العذبة العالمية التي تنتقل عبر الأنهار إلى معظم أنحاء العالم. وحفظ وظائف وخدمات النظم الإيكولوجية من هذه المناطق أمر ضروري لتحقيق الأمن العالمي في مجالات الماء والغذاء والطاقة".
وورد فيها أيضاً أن: "تغير المناخ والتنمية يتسببان في إحداث أزمة غير مسبوقة في نظامنا الأرضي للمناطق الجبلية العالية تهدد استدامة الكوكب. وهناك حاجة ملحّة إلى اتخاذ إجراءات عالمية الآن لبناء القدرات، والاستثمار في البنية التحتية، وجعل مجتمعات الجبال وسفوحها أكثر أماناً واستدامة. ويجب أن تسترشد هذه الإجراءات بالعلم والمعرفة المحلية وأن تستند إلى نُهج متعددة التخصصات لإعداد رصدات وتنبؤات متكاملة".
وجاء في الدعوة إلى العمل كذلك ما يلي: "نلتزم، نحن المشاركون في مؤتمر قمة المناطق الجبلية العالية لعام 2019 التابع للمنظمة (WMO)، بتحقيق الهدف المتمثل في أن يكون للأشخاص الذين يعيشون في الجبال وسفوحها القدرة على الوصول المفتوح إلى خدمات المعلومات المتعلقة بالهيدرولوجيا، والغلاف الجليدي، والأرصاد الجوية والمناخ لمساعدتهم على التكيف مع التهديدات التي يفرضها تغير المناخ الآخذ في الزيادة وإدارتها".
ويلتزم مؤتمر القمة بمبادرة متكاملة جديدة للرصد والتكهن في المناطق الجبلية العالية باعتبارها إحدى أدوات مواجهة التحديات المتعلقة بتغير المناخ، وذوبان الثلوج والجليد، والأخطار ذات الصلة بالماء والإجهاد المتعلق بالماء.
ويحث على أن تكون التنمية المستدامة للمناطق الجبلية وحفظ النظم الإيكولوجية الجبلية جزءاً لا يتجزأ من سياسة التنمية الدولية، وأنه ينبغي تعزيز التعاون عبر الحدود في التبادل المفتوح للبيانات، والتنبؤات والإسقاطات، وإقرار السياسات، وتوليد المعارف وتبادلها.
وقالت السيدة Carolina Adler، المديرة التنفيذية لمبادرة البحوث الجبلية والتي كانت رئيسة مشاركة لمؤتمر القمة: "من الواضح للغاية أن الخيارات التي نجريها والإجراءات العاجلة التي نتخذها الآن تكتسي أهمية بالغة لحماية المناطق الجبلية العالية. وقد نجح مؤتمر القمة هذا في ربط العلوم والسياسات والممارسات من أجل تحديد خارطة الطريق للعمل المناخي. وعلينا أن نكفل استجابة العلم لاحتياجات البشر، من خلال دعم خدمات المعلومات التي يعتمدون عليها لمواجهة المخاطر".
أبراج العالم المائية
تغطي المناطق الجبلية ربع سطح الأرض تقريباً ويعيش فيها نحو 1.1 مليار نسمة. وتُعرف باسم "أبراج العالم المائية" لأن أحواض الأنهار الجبلية المنبع تزود أكثر من نصف البشرية بالمياه العذبة، بما في ذلك تلك النابعة من إقليم جبال هندوكوش - هيمالايا وهضبة التبت المعروفان باسم القطب الثالث.
وسلطت العروض المقدمة من جميع أنحاء العالم الضوء على أن ذوبان الأنهار الجليدية والثلوج يترجم إلى زيادة قصيرة الأجل في حدوث مخاطر من قبيل الانهيالات الأرضية والفيضانات، وتهديد طويل الأجل لأمن إمدادات المياه لمليارات الأشخاص.
وقال John Pomeroy، الرئيس المشارك للمؤتمر وأستاذ كرسي ببرنامج أبحاث كندا في مجال موارد المياه وتغير المناخ؛ ومدير مركز الهيدرولوجيا بجامعة Saskatchewan ومدير مبادرة مستقبل المياه العالمية: "علينا إيجاد الحلول".
وقال: "يمكننا اختيار مستقبل تُتخذ فيه إجراءات وحلول تستند إلى العلم والمعرفة وتدعم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع تغير المناخ وتخفيف أثره. ويمكننا استخدام المياه - وبالتالي الجبال - كمصدر للسلام. وإلا فسيكون لدينا مستقبل كئيب. فالوقت ينفد".
ووصف Alain Berset، المستشار الفيدرالي السويسري ووزير الداخلية كيف أن الأنهار الجليدية السويسرية فقدت 10 في المائة من حجمها في الأعوام الخمسة الماضية، بما في ذلك 2 في المائة في العام الماضي. واختفى 500 نهر جليدي من الأنهار الجليدية الأصغر حجماً، وقد يذوب 90 المائة من الأنهار الجليدية المتبقية البالغ عددها 4000 نهر جليدي بحلول نهاية القرن الحالي.
وخلال موجات الحر التي شهدها صيف عام 2019، ذاب ما يعادل الاستهلاك الوطني السنوي لمياه الشرب في سويسرا من الأنهار الجليدية الموجودة فيها في 15 يوماً فقط، وفقاً لما ذكرته هيئة الأرصاد الجوية السويسرية MeteoSwiss.
ويعرب إعلان مؤتمر القمة عن قلقه إزاء ما يلي: "أصبح الأمن المائي أحد أكبر التحديات التي يواجهها سكان العالم، وأن حالات عدم اليقين بشأن توافر المياه العذبة من الأنهار الجبلية عامل هام من عوامل الخطر فيما يتعلق بالنظم الإيكولوجية المحلية وعلى سفوح الجبال، والزراعة، والحراجة، والإنتاج الغذائي، ومصائد الأسماك، وإنتاج الطاقة المائية، والنقل، والسياحة، والترفيه، والبنية التحتية، وإمدادات المياه المنزلية، وصحة الإنسان".
تجنب الأزمات الوشيكة
جمع مؤتمر القمة أكثر من 150 مشاركاً يمثلون مجالات الأرصاد الجوية، والهيدرولوجيا، وعلوم البيئة والغلاف الجوي، ووكالات التنمية، ودوائر البحوث والأوساط الأكاديمية، والشراكات الطوعية، وممثلي المجتمع.
وعنوان الدعوة من أجل العمل هو: "تجنب الأزمات الوشيكة المتعلقة بالطقس والمناخ والثلوج والجليد والمياه في المناطق الجبلية: سبل الوصول إلى مستقبل عالمي مستدام".
وتُبين الرصدات الدولية تسارعاً في انحسار الأنهار الجليدية الرئيسية البالغ عددها 31 نهراً في العقدين الماضيين. إلا أن الافتقار إلى الرصدات يحول دون إجراء مراقبة موثوقة.
وأشار مؤتمر القمة إلى: "ندرة رصدات الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا والمناخ والغلاف الجليدي في المناطق الجبلية، والصعوبات في الوصول إلى البيانات الموجودة. ولكنه شددت أيضاً على قدرة نظم الرصد الفضائية على تحسين هذا الوضع.
ويسلط الضوء أيضاً على الحاجة إلى أنظمة الإنذار المبكر والتنبؤ بالمخاطر التي تصل إلى الناس، وكذلك إلى صانعي القرار في المناطق الجبلية حتى يتسنى لهم تخطيط مجتمعات أكثر قدرة على الصمود واتخاذ إجراءات مبكرة تحسباً للظواهر الخطرة في مجالات الطقس والمناخ والماء.
المبادرة المتكاملة للرصد والتكهن في المناطق الجبلية العالية
قالت إلينا ماناينكوفا، نائبة الأمين العام للمنظمة (WMO): "ستوفر المنظمة (WMO) القيادة والتوجيه في المبادرة المتكاملة للرصد والتكهن في المناطق الجبلية العالية. وعلينا تحسين الرصدات، والتنبؤات، وتبادل البيانات في سلاسل الجبال ومناطق المياه في جميع أنحاء العالم. وهذا الأمر ضروري لمواجهة تغير المناخ المتسارع الذي له تأثيرات متزايدة على السكان المعرضين للخطر".
وتعمل المنظمة (WMO) من أجل إنشاء نظام متكامل للتنبؤ والتكهن بنظام الأرض، بمشاركة قوية من دوائر البحوث. ولدعم هذا النهج المتكامل الجديد، أصلحت المنظمة (WMO) هياكل هيئاتها التأسيسية. وسيكون للجنة الرصد والبنية التحتية ونظم المعلومات المنشأة حديثاً والتابعة للمنظمة (WMO) دور فعال في المبادرة المتكاملة الجديدة للرصد والتكهن في المناطق الجبلية العالية، وفقاً لما ذكره Michel Jean رئيس اللجنة.
واستشهد المشاركون مراراً وتكراراً بالنتائج التي خلص إليها التقرير الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) بشأن المحيطات والغلاف الجليدي في ظل مناخ متغير، الذي يتضمن فصلاً مخصصاً عن المناطق الجبلية العالية.
وجاء في تقرير الهيئة (IPCC) أنه يُتوقع أن تستمر الاتجاهات الحالية للتغيرات المتعلقة بالغلاف الجليدي في النظم الإيكولوجية للمناطق الجبلية العالية، وأن تتفاقم آثارها. ويُتوقع أيضاً أن يستمر انحسار الغطاء الثلجي والأنهار الجليدية والتربة الصقيعية في كل المناطق تقريباً على مدى القرن الحادي والعشرين.
ومن بين رعاة مؤتمر قمة المناطق الجبلية العالية، المرفق العالمي للحد من الكوارث وللإنعاش التابع للبنك الدولي ووكالات حكومية سويسرية. ويشارك في تنظيمه:
منظمة الأغذية والزراعة
مبادرة مستقبل المياه العالمية
الرابطة الدولية لعلوم الغلاف الجليدي
المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة
الشبكة الدولية لبحوث هيدرولوجيا المستجمعات في جبال الألب
الشراكة من أجل الجبال (منظمة الأغذية والزراعة)
مبادرة البحوث الجبلية
بيئة القطب الثالث
البرنامج الهيدرولوجي الدولي التابع لليونسكو
المرفق العالمي للحد من الكوارث وللإنعاش التابع للبنك الدولي
برنامج المياه والطاقة لآسيا الوسطى التابع للبنك الدولي