بيان الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، البروفيسورة سيليستى ساولو

كل يوم عالمي للأرصاد الجوية وأنتم بخير. 

كما تعلمون، أحتفل معكم للمرة الأولى باليوم العالمي للأرصاد الجوية بصفتي أمينةً عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وكنت أحتفل بهذا اليوم في السابق أيضاً حين كنت أعمل في المرفق الوطني للأرصاد الجوية في الأرجنتين، لأن هذه المناسبة تتيح لنا فرصة فريدة لتعريف العالم بنا، من نحن؟ وما دورنا؟ وما الأسباب التي تدفعنا؟

وتُعَدّ المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا - التابعة لأعضاء المنظمة - جهات فاعلة وأساسية في معركتنا ضد تغير المناخ. ويوفر مجتمع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أدوات ومعارف للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

ولذا، فإن الموضوع الذي اختير لليوم العالمي للأرصاد الجوية لهذا العام، وهو "في طليعة العمل المناخي"، يبدو ملائماً تماماً لهذه المناسبة.
وقد يحمل مفهوم العمل المناخي معانٍ مختلفة لأشخاص مختلفين.

ولكن الكلّ يجمع على أن العمل المناخي هو ضرورة، بل ضرورة ملحة. وهو دعوة موجهة إلى الجميع للسير معاً في الاتجاه نفسه.
ولتحقيق هذه الغاية، تقوم الأوساط المعنية بالأرصاد الجوية والهيدرولوجيا بجمع بيانات الطقس والمياه والبيئة ونشرها وتحليلها، لأن هذه البيانات هي المفتاح لفهم ما يشهده مناخنا اليوم وكيف بات يتغير.

ولكن لا يمكننا إدارة ما لا يخضع للقياس. وهنا تكمن أهمية دور المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. فلدينا في هذه المنظمة تاريخ مشرّف، يشهد على مثابرة المنظمة على مدى أكثر من 150 عاماً من الزمن على مشاركة البيانات وأفضل الممارسات. وهذا هو مصدر قوتنا.

وإننا نبني على هذه القوة لتوفير المعلومات اللازمة لدعم إجراءات التخفيف من آثار تغير المناخ. ولهذا السبب، فقد أطلقنا مبادرة المراقبة العالمية لغازات الاحتباس الحراري، لأننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من القياسات لدعم اتخاذ القرارات وتعزيز العمل المناخي.
ولكن إجراءات التخفيف وحدها لا تكفي، ولا بد أن ترافقها إجراءات تتيح التكيّف مع تغير المناخ. فالتكيّف مع تغيّر المناخ ضرورة، بل مسألة حياة أو موت للكثير من الناس.

ولذا، تعمل مرافق الأرصاد الجوية الهيدرولوجية في جميع أنحاء العالم على تحسين نظمها للإنذار المبكر على سبيل الأولوية، لأن هذه النظم هي الركيزة الأساسية للتكيف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن بلداناً عديدة لا تزال عاجزة، حتى يومنا هذا، عن توفير الإنذارات المبكرة لحماية شعوبها. وهذا ما حملنا، بصفتنا جزءاً من المجتمع العالمي، على استهلال مبادرة "نظم الإنذار المبكر للجميع"، التي ستضمن، بحلول نهاية عام 2027، أن يحصل كل شخص على وجه الأرض في الوقت المناسب على معلومات موثوقة ومنقذة بشأن مخاطر الطقس والمناخ.

فالمناخ والطقس يؤثران على جميع الأنشطة تقريباً. وعلى سبيل المثال، يؤثر المناخ والطقس على نظم الطاقة المتجددة، بما يشمل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية؛ والإنتاج الزراعي؛ ومصائد الاسماك؛ والنقل؛ والصحة. وإن توفير معلومات عن الطقس والمناخ يتيح تعزيز النمو الاقتصادي. ولذا، فعلينا أن نضاعف جهودنا من أجل تحويل علوم المناخ إلى خدمات، وعلينا أن نعمل على تيسير الوصول إلى هذه الخدمات المناخية وعلى تعزيز فعالية استخدامها.

وفي اليوم العالمي للأرصاد الجوية، تُسلَّط جميع الأضواء على المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا، وعلى دورها المحوري في الحد من المخاطر وفي تعزيز التنمية والتكيف والتخفيف والاستدامة.

ولذا، فمن واجبنا أن نضمن ارتكاز السياسات المناخية الرفيعة المستوى على الخبرات الراسخة التي تتمتع بها هذه المرافق الوطنية. وإنني ملتزمة، بصفتي الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بالعمل مع كلٍّ من هذه المرافق الوطنية لضمان أن تعود دورة القيمة الكاملة هذه بمنافع ملموسة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. فإننا بذلك نعزز شمول الجميع واستدامة المسارات.

وأمام التحديات البيئية غير المسبوقة التي يواجهها العالم اليوم، لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي وأن نكتفي بدورنا كمراقبين، بل إننا مدعوين لنكون روّاد التغيير.

فقد أصبح اليوم دورنا كعلماء ومدافعين عن الكوكب أهم من أي وقت مضى.

إن حياة الأجيال القادمة في أيدينا. فالجهود التي سنبذلها اليوم ستضمن عالماً أكثر أماناً وصحةً للأجيال القادمة، وسترسي أًسُسَ عالم يعيش فيه الأطفال في وئام وتناغم مع الطبيعة.

واليوم، نقف معاً في طليعة العمل المناخي، ونسخّر خبراتنا الجماعية لخدمة خير البشرية جمعاء ولبناء مستقبل أكثر صموداً.

وشكراً لكم.