الحلقة المفرغة لتغير المناخ وحرائق الغابات وتلوث الهواء تُخلِّف آثاراً كبيرة

05 أيلول/ سبتمبر 2024

ذكر تقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (المنظمة) أن الحلقة المفرغة، التي يدور فيها تغير المناخ وحرائق الغابات وتلوث الهواء، تؤثر تأثيراً سلبياً متصاعداً على صحة الإنسان والنظم الإيكولوجية والزراعة.

الرسائل الرئيسية
  • نشرة المنظمة عن جودة الهواء والمناخ تسلط الضوء على الروابط بين جودة الهواء والمناخ
  • مكافحة تلوث الهواء وتغير المناخ حلٌ مُجدٍ في جميع الحالات
  • دخان حرائق الغابات يضر بصحة الإنسان وصحة النظام الإيكولوجي وصحة المحاصيل
  • انبعاثات حرائق الغابات لا تعرف حدوداً وتجتاز قارات بأكملها
  • مستويات الجسيمات الدقيقة تتفاوت اتجاهاتها من إقليم لآخر

وتركز نشرة المنظمة عن جودة الهواء والمناخ تركيزاً خاصاً على حرائق الغابات. وتبحث أيضاً التركيزات العالمية والإقليمية للتلوث بالجسيمات الدقيقة وما خلَّفه هذا التلوث من آثار ضارة على المحاصيل في عام 2023.

وصدرت هذه النشرة بمناسبة اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء الذي يحتفل به العالم في 7 أيلول/ سبتمبر من كل عام، وموضوعه هذا العام: "حان الوقت للاستثمار في الهواء النظيف". فتلوث الهواء المحيط يؤدي إلى أكثر من 4.5 ملايين وفاة مبكرة سنوياً، ويتسبب في تكلفة اقتصادية وبيئية باهظة.

وتستكشف هذه النشرة، وهي الرابعة ضمن سلسلة سنوية، العلاقة المتشابكة بين جودة الهواء والمناخ.

فالأنواع الكيميائية، التي تؤدي إلى تدهور جودة الهواء، عادة ما تنبعث مع غازات الاحتباس الحراري. وهو ما يعني أن أي تغيير في هذه الأنواع الكيميائية سيؤدي حتماً إلى تغيير في غازات الاحتباس الحراري، والعكس صحيح.

وتؤثر جودة الهواء، بدورها، في صحة النظم الإيكولوجية، إذ تترسب ملوِّثات الهواء من الغلاف الجوي في سطح الأرض. ويحد ترسُّب النيتروجين والكبريت والأوزون من الخدمات التي توفرها النُّظم الإيكولوجية الطبيعية من قبيل المياه النظيفة، والتنوع البيولوجي، وتخزين الكربون.

تقول كو باريت، نائبة الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: "لا يمكن تناول تغير المناخ بمعزلٍ عن جودة الهواء. فهما أمران متلازمان، ويجب معالجتهما معاً. ومن شأن الاعتراف بهذه العلاقة المتداخلة والعمل وفقاً لذلك أن يعود بالنفع العميم على صحة كوكبنا وسكانه واقتصاداتنا".

وأضافت باريت قائلة: "تتناول هذه النشرة عن جودة الهواء والمناخ عام 2023. واستمرت هذه الاتجاهات خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2024، حيث أدت الحرارة الشديدة وموجات الجفاف المستمرة إلى تأجيج مخاطر حرائق الغابات وتلوث الهواء. وتغير المناخ معناه أننا نواجه هذا السيناريو بوتيرة متزايدة. والعلوم والبحوث التي تجمع بين تخصصات مختلفة هي السبيل إلى إيجاد الحلول".
 

التركيز العالمي للجسيمات الدقيقة في عام 2023

تشكل الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل (PM2.5) خطراً صحياً شديداً خاصة عند استنشاقها لفترات طويلة. وتنبعث هذه الجسيمات من مصادر تشمل احتراق الوقود الأحفوري، وحرائق الغابات، والغبار الصحراوي الذي تذروه الرياح.

واستعانت نشرة المنظمة بمنتجين مختلفين ومستقلين لتقدير التركيزات العالمية للجسيمات الدقيقة، وهما: خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي، والمكتب العالمي للنمذجة وتصفيف البيانات (GMAO) التابع للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا).

وخلص كلا المنتجين إلى أن حرائق الغابات فوق أمريكا الشمالية قد تسببت في ارتفاع انبعاثات الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل (PM2.5) إلى مستويات استثنائية مقارنة بالفترة المرجعية 2003-2023.

كذلك، سُجلت مستويات زادت على المتوسط لهذه الجسيمات فوق الهند، بسبب زيادة انبعاثات التلوث الناجمة عن الأنشطة البشرية والصناعية.

وعلى النقيض من ذلك، سجَّلت الصين وأوروبا مستويات أقل من المتوسط، ويُعزَى ذلك إلى انخفاض الانبعاثات البشرية المنشأ. وهو ما يعني أن هذا الاتجاه، الذي رُصِد منذ صدور العدد الأول من نشرة المنظمة في عام 2021، ما زال مستمراً.

World map displaying temperature anomalies with colder regions in blue and warmer regions in red, depicting changes ranging from -18 to +18 degrees Celsius.
الشذوذ في الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل (PM2.5) (بالميكروغرام/ م-3) في عام 2023.
استُخلِصت قيم هذا الشذوذ من عملية إعادة تحليل أجرتها خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي (CAMS).
A world map shows temperature anomalies using a color gradient, with red indicating warmer and blue for colder deviations from average temperatures. North America and parts of Eurasia display significant warm anomalies.
إعادة تحليل لمجموعة البيانات (GEOS-IT) الخاصة بالمكتب العالمي للنمذجة وتصفيف البيانات التابع لوكالة ناسا (NASA GMAO GEOS-IT) (https://gmao.gsfc.nasa.gov/GMAO_products/GEOS-IT)

آثار الجسيمات الدقيقة على المحاصيل

تؤثر الجسيمات الدقيقة تأثيراً كبيراً على الصحة والزراعة معاً. فهذه الجسيمات من الممكن أن تقلل إنتاجية المحاصيل في المناطق التي يكون فيها تعظيم غلة المحاصيل أمراً بالغ الأهمية لتوفير الغذاء للسكان.

وتشمل المناطق الأكثر تأثراً في العالم مناطق زراعية في وسط أفريقيا والصين والهند وباكستان وجنوب شرق آسيا.

وتشير الأدلة المستمدة من تجارب أُجريت في الصين والهند إلى أن هذه الجسيمات يمكن أن تقلل غلة المحاصيل بنسبة تصل إلى 15% في المناطق التي تعاني من مستويات مرتفعة من التلوث. فهذه الجسيمات تقلل كمية أشعة الشمس التي تصل إلى أسطح أوراق النباتات، وتسد فعلياً ثغور (مسام) الأوراق التي تنظم تبادل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون بين النباتات والغلاف الجوي.

وتُعَد الزراعة نفسها أحد المصادر الرئيسية للجسيمات التي تنبعث مع سلائفها من حرق الحشائش، واستخدام الأسمدة ومبيدات الآفات، والحرث، والحصاد، وتخزين الأسمدة الحيوانية واستخدامها.

وتعرِض نشرة المنظمة حلولاً عملية، مثل زراعة الأشجار أو الشجيرات لحماية المحاصيل من المصادر المحلية للجسيمات، مع التمتع بفوائد إضافية لعزل الكربون والتنوع البيولوجي.

حرائق الغابات

شهد نصفا الكرة الشمالي والجنوبي مواسم من حرائق الغابات المستعرة في عام 2023.

وأدت أسباب كثيرة ومتفاوتة إلى اندلاع حرائق الغابات، منها إدارة الأراضي وأفعال البشر (العفوية منها أو المتعمدة). غير أن تغير المناخ له أيضاً دور غير مباشر يتمثل في ارتفاع وتيرة موجات الحر وزيادة شدتها واستمرار موجات الجفاف لفترات طويلة. وهذه الظروف تفاقم خطر اتساع رقعة حرائق الغابات وتزيد من احتمال حدوثها، الأمر الذي يؤثر تأثيراً كبيراً على جودة الهواء.

يقول الدكتور لورنزو لابرادور: "يحتوي الدخان المتصاعد من حرائق الغابات على مزيج ضار من المواد الكيميائية التي لا تؤثر على جودة الهواء والصحة فحسب، بل تلحق الضرر أيضاً بالنباتات والنظم الإيكولوجية والمحاصيل - وتؤدي إلى المزيد من انبعاثات الكربون ومن ثم انبعاث المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي"، والدكتور لورنزو مسؤول علمي بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية يعمل في شبكة المراقبة العالمية للغلاف الجوي التي أعدت هذه النشرة.

ووفقاً لقاعدة البيانات الوطنية الكندية للحرائق، سجَّل موسم حرائق الغابات - التي اندلعت في كندا في عام 2023 - رقماً قياسياً لم يتحقق طيلة عقود عدة من حيث إجمالي المساحة المحروقة التي بلغت سبعة أضعاف متوسط المساحة (المحسوبة بالهكتارات) التي احترقت بين عامي 1990 و2013.

وابتداءً من الأسبوع الأول من أيار/ مايو وحتى نهاية أيلول/ سبتمبر، اندلع العديد من الحرائق الكبيرة والمستمرة في غرب كندا (حيث كان الجو حاراً وجافاً على غير العادة). وأدى ذلك إلى تدهور جودة الهواء في شرق كندا وشمال شرق الولايات المتحدة، خاصة في مدينة نيويورك (في مطلع حزيران/ يونيو). وانتقل الدخان عبر شمال المحيط الأطلسي حتى وصل إلى جنوب غرينلاند وأوروبا الغربية.

ونتيجة لذلك، كان الإجمالي التراكمي لانبعاثات الجسيمات والكربون أعلى بكثير من المتوسط السنوي طيلة السنوات العشرين الماضية على الأقل.
 

Global map showing total aerosol optical depth anomaly at 550 nm for June 2023 compared to 2003-2022 average. Notable regions with above-average aerosols are in red, primarily over Northern Hemisphere.
المتوسط الشهري للشذوذ في إجمالي العمق البصري للهباء الجوي عند 550 نانومتر في شهر حزيران/ يونيو 2023 مقارنة بالشهر نفسه في الفترة 2003-2022. عملية إعادة تحليل لتكوين الغلاف الجوي العالمي أجرتها خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي (CAMS) للفترة (2003-2023): https://ads.atmosphere.copernicus.eu/cdsapp#!/dataset/cams-global-reana…

واجتاحت حرائق الغابات المدمرة وسط وجنوب شيلي في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2023، وراح ضحيتها 23 شخصاً على الأقل. واندلع أكثر من 400 حريق، أُضرِم الكثير منها عن عمد، وأحرقت هذه الحرائق مساحات شاسعة من المزارع والغابات. وأجَّجت درجات الحرارة المرتفعة والرياح الحرائق في منطقة منكوبة بالجفاف المتفشي الذي استمر أكثر من عقد من الزمان. وسجل النظام الوطني لمعلومات جودة الهواء زيادة في مستويات جميع مُلوِّثات الهواء في جميع المحطات.

ونتيجة لذلك، ازداد التعرض اليومي القصير الأجل للأوزون زيادة كبيرة في العديد من محطات مراقبة جودة الهواء. وأعلنت السلطات في شيلي حالة الطوارئ البيئية في مناطق مختلفة من وسط البلاد.

يقول مؤلفو النشرة: "تظهر الرصدات المتزامنة للأوزون وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل (PM2.5) في وسط شيلي الضرر الشديد بجودة الهواء الناجم عن حرائق الغابات الشديدة والمستمرة التي أصبحت أكثر شيوعاً في ظل مناخ تزداد حرارته يوماً بعد آخر".

وتتناول نشرة المنظمة عن جودة الهواء والمناخ ما يلي:

علم أحياء العوالق الجوية. فالطلب على المعلومات الدقيقة التي تتوفر في الوقت المناسب عن تركيزات ما يعرف باسم "الأهباء الجوية الحيوية الأولية" (أي حبوب اللقاح النباتية، والجراثيم الفطرية، والبكتيريا، وما إلى ذلك) يزداد من جانب الكثيرين، ومنهم - على سبيل المثال لا الحصر - الأطباء والأشخاص الذين يعانون من الحساسية، والصناعات الزراعية والحرجية، والباحثون في تغير المناخ والتنوع البيولوجي والباحثون في جودة الهواء.

وللأهباء الجوية الحيوية دور مهم في الدراسات المناخية: والغطاء النباتي هو أحد أكثر المؤشرات حساسية لتغير المناخ. فالتغيرات في التنوع البيولوجي ووقت ازدهار النباتات وكثافتها وأنماط توزيعها أمور تتأثر كلها بالأحوال الجوية.

وقد أتاحت التكنولوجيات الجديدة في السنوات القليلة الماضية الفرصة للحصول على معلومات عن تركيزات الأهباء الجوية الحيوية في الوقت الحقيقي. وتتيح هذه التقنيات الحديثة إمكانيات جديدة تماماً لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة المهتمين بالأهباء الجوية الحيوية.

ملاحظات للمحررين

تتوافر عبر هذا الرابط تفاصيل عن اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء.

يُعِد علماء متخصصون نشرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن جودة الهواء والمناخ تحت رعاية برنامج المراقبة العالمية لمراقبة الغلاف الجوي، ويستخدمون قدر الإمكان البيانات المستقاة من شبكة من المحطات التابعة لهذا البرنامج في جميع أنحاء العالم.
 

لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ:

  • Clare Nullis موظف إعلامي، cnullis@wmo.int +41 79 709 13 97
  • WMO Strategic Communication Office Media Contact media@wmo.int
الملف الصحفي
    شارك: